عن لي هذا المساء أن أخاصم نفسي بعد أن انقطعت عن هذه العادة منذ مدة ليست بالقصيرة.. توجهت إلى المرآة .. نظر وجهي إلى وجهه ـ تبادلا إخراج اللسان ، والغمز واللمز ، ثم الشتائم ، المنتقاة ..
- لئيم.
- زنيم.
- عتل.
- غبي.
- بليد ...
- منافق...
كنت واقفا كالأبله أستمع إلى هذه السمفونية الشتائمية .دون أن أتحرك . خاصة وأنني أعرف أن كلا الوجهين صادقان ، فقد اجتمعت في كل صفات القبح، _ عكس مايقول بعض الناس الذين يظنون أنهم يحبونني _ . التي تنعكس على ملامح وجهي فيكاد المريب _ الذي هو أنا_ يقول خذوني.
تركت المرآة فكا للاشتباك .. ثم قررت الخروج إلى سفه المدينة،علني أرتاح من عناء الخصومة.
حلقت وجهي _ كهربائيا _ تعطرت ، وكأني أخفي روائح ممارساتي القبيحة ، مشطت ما تبقى من شعر على ضفتي البحيرة التي ابتدعها الزمن ووضعها على أم رأسي ..
احتذيت حذائي العجوز الذي يسمح لأصابعى بإطلالات على الكون من خلال ثقوب الجوارب.
أخذت حبة الأفلوكارديل الأبدية ، اتقاء لفورات جنون تصيب قلبي بين الفينة والأخرى، فتتسارع ،وتختل ضرباته ، وكأن به مسا من الجنون.
وضعت جريدتي الصباحية تحت إبطي .. وقبل أن أخرج عن لي أن أطل من النافذة التي تشرف مباشرة ، على سوق عشوائي ،أقيم بقوة الأمر الواقع . ألقيت نظرة خاطفة ، . ثم أغلقت النافذة بسرعة .. وما لبثت أن ألقيت بفردتي حذائي أين ما اتفق .. وسرعان ما استلقيت على سريري الغارق في فوضى عارمة ، وبدأت حلقة أخرى من حوار داخلي .. يرفع الضغط ، ويفرض تجرع قطرات إضافية من الفاليوم...