أعظم امرأة:أمي
أعظم امرأة في حياتي: ملكة الدار وزهرة البستان
بلسم جراح كل من يقترب منها, فنانة مبدعة
جادة في حنانها وعطفها ،لم نتعود منها الأحضان والقبل
ولا نحس بحبها إلا إذا اشتكى أحدنا تعبا
ترى دمعها يتلألأ في صمت وصرخة مكتومة تتردد في صدرها,
صمدت أمام زلازل الزمن وأسر الأب في سجون المستعمر
كانت تلم أولادها وتدعوهم لقراءة اللطيف:يا لطيف ومن تزل الطف بنا فيما نزل,
تقتر على نفسها لتوفر اللقمة للغائب يوم الزيارة الأسبوعية,
تتحمل مشاق السفروثقل المحمولات يحدوها الجلد والصبر.
ويستقل المغرب بعد المقاومة ويطلق سراح الوطنيين والفدائيين.
ويعود الأب لممارسة مهنته الفنية الجميلة رافضا أي منصب حكومي يضطره إلى الإنحناء.
ويبارك الله له في عمله وتتحسن الظروف، يكبر الأبناء وتكبر معهم شحنةالمبادئ والقيم الجميلة ويصيرون فخر الأم والأب.
ولم تكد الأم تفرح ببلوغ أبنائها الكبار أهدافهم حتى يتربص بها المرض الفتاك
وهي في قمة نضجها .
يتحول البيت المرح إلى كآبة تبدو على الوجوه التي بهتت من الكمد والخوف.
أحسسنا أن العقد الجميل الذي تتوسطه الدرة الثمينة في طريقه إلى الانفراط
وصمتنا ووجمنا كأن على رؤوسنا الطير، وأنينها المكتوم يتردد في عمق الليل مناديا: يارب يارب يا رب.
كنت حين أعود من عملي أجلس بجانب سريرها أمسك يدها وأنا أرىالشجرة الشامخة تذوي وأوراقها تتساقط يوما عن يوم، لم ينفع معها علاج ولا عمليات ولا أشعة.
ترفع يدها ببطء شديد لتربت على خدي بكل حنو وحزن، كنت أحبس دموعي أمامها كي لا أزيد ألمها وقلبي تتمزق نياطه.
كان بيتنا لا يفرغ من العواد من العائلة والأصدقاء من كل الطبقات الاجتماعية.
كنا أحيانا نحس أنها تريد قول شيء ، تقترب منها أختي الكبرى وتفهم منها
أننا يجب أن نحضر الغذاء للزوار،لم يتوقف تفكيرها في الآخرين وهي في قمة أزمتها.
اقترب الموعد:موعد خلاصها من جحيم الألم وبداية آلام أخرى لنا لم نكن قد تزودنا لها بعد.
توقف كل شيء عن العمل في هذا الجسد الجميل الذي طالما تهادى في ردهات الدار في شموخ وأناقة حتى وهي في مطبخها تعد أطباقها التي شدا بها الضيوف دوما.
ودقت ساعةالنهاية، أعلنتها قريبة لنا اختلت بهاساعة الاحتضار بعد أن دعت الأب كي يودع رفيقة عمره.
خرج الأب بعد فترة بوجه شاحب وعينين متورمتين من البكاء وقال:ماتت زهور.
ماتت زهور شعراوي تاركةفي كل منا بعضا منها:صورة أو حركة أو سلوك
ارتفعت الأصوات بالنحيب والنواح من الأقارب، ونحن صامتون، حتى دموعنا انحبست في المآقي، ولم تنفجر إلا بعد خروج النعش من البيت إلى المستقر الأخير, بكى من بكى وفقد الوعي من فقد منا
ثم انشغلنا مع المعزين وأقدامنا لا نحس بها كأن الأرض فقدت جاذبيتها
مكث معنا في البيت نساء كثيرات كي يخدمونا، ولكن من يمكن أن يملأ فراغ الأم
لا أحد حتما.
استمرت الحياة وطيف الأم لم يبرح مخيلتنا أبدا رغم مرور السنين، نكاد نذكرها كلما اجتمعنا أو بيننا وبين أنفسنا،
لم أستطع أن أصنع لها شيئا إلا الدعاء لها وإلا تسجيل اسمها على الأنترنيت حينما جعلت إميلي باسهما : زهور شعراوي
رحمك الله يا أمي
أعظم امرأة في حياتي: ملكة الدار وزهرة البستان
بلسم جراح كل من يقترب منها, فنانة مبدعة
جادة في حنانها وعطفها ،لم نتعود منها الأحضان والقبل
ولا نحس بحبها إلا إذا اشتكى أحدنا تعبا
ترى دمعها يتلألأ في صمت وصرخة مكتومة تتردد في صدرها,
صمدت أمام زلازل الزمن وأسر الأب في سجون المستعمر
كانت تلم أولادها وتدعوهم لقراءة اللطيف:يا لطيف ومن تزل الطف بنا فيما نزل,
تقتر على نفسها لتوفر اللقمة للغائب يوم الزيارة الأسبوعية,
تتحمل مشاق السفروثقل المحمولات يحدوها الجلد والصبر.
ويستقل المغرب بعد المقاومة ويطلق سراح الوطنيين والفدائيين.
ويعود الأب لممارسة مهنته الفنية الجميلة رافضا أي منصب حكومي يضطره إلى الإنحناء.
ويبارك الله له في عمله وتتحسن الظروف، يكبر الأبناء وتكبر معهم شحنةالمبادئ والقيم الجميلة ويصيرون فخر الأم والأب.
ولم تكد الأم تفرح ببلوغ أبنائها الكبار أهدافهم حتى يتربص بها المرض الفتاك
وهي في قمة نضجها .
يتحول البيت المرح إلى كآبة تبدو على الوجوه التي بهتت من الكمد والخوف.
أحسسنا أن العقد الجميل الذي تتوسطه الدرة الثمينة في طريقه إلى الانفراط
وصمتنا ووجمنا كأن على رؤوسنا الطير، وأنينها المكتوم يتردد في عمق الليل مناديا: يارب يارب يا رب.
كنت حين أعود من عملي أجلس بجانب سريرها أمسك يدها وأنا أرىالشجرة الشامخة تذوي وأوراقها تتساقط يوما عن يوم، لم ينفع معها علاج ولا عمليات ولا أشعة.
ترفع يدها ببطء شديد لتربت على خدي بكل حنو وحزن، كنت أحبس دموعي أمامها كي لا أزيد ألمها وقلبي تتمزق نياطه.
كان بيتنا لا يفرغ من العواد من العائلة والأصدقاء من كل الطبقات الاجتماعية.
كنا أحيانا نحس أنها تريد قول شيء ، تقترب منها أختي الكبرى وتفهم منها
أننا يجب أن نحضر الغذاء للزوار،لم يتوقف تفكيرها في الآخرين وهي في قمة أزمتها.
اقترب الموعد:موعد خلاصها من جحيم الألم وبداية آلام أخرى لنا لم نكن قد تزودنا لها بعد.
توقف كل شيء عن العمل في هذا الجسد الجميل الذي طالما تهادى في ردهات الدار في شموخ وأناقة حتى وهي في مطبخها تعد أطباقها التي شدا بها الضيوف دوما.
ودقت ساعةالنهاية، أعلنتها قريبة لنا اختلت بهاساعة الاحتضار بعد أن دعت الأب كي يودع رفيقة عمره.
خرج الأب بعد فترة بوجه شاحب وعينين متورمتين من البكاء وقال:ماتت زهور.
ماتت زهور شعراوي تاركةفي كل منا بعضا منها:صورة أو حركة أو سلوك
ارتفعت الأصوات بالنحيب والنواح من الأقارب، ونحن صامتون، حتى دموعنا انحبست في المآقي، ولم تنفجر إلا بعد خروج النعش من البيت إلى المستقر الأخير, بكى من بكى وفقد الوعي من فقد منا
ثم انشغلنا مع المعزين وأقدامنا لا نحس بها كأن الأرض فقدت جاذبيتها
مكث معنا في البيت نساء كثيرات كي يخدمونا، ولكن من يمكن أن يملأ فراغ الأم
لا أحد حتما.
استمرت الحياة وطيف الأم لم يبرح مخيلتنا أبدا رغم مرور السنين، نكاد نذكرها كلما اجتمعنا أو بيننا وبين أنفسنا،
لم أستطع أن أصنع لها شيئا إلا الدعاء لها وإلا تسجيل اسمها على الأنترنيت حينما جعلت إميلي باسهما : زهور شعراوي
رحمك الله يا أمي
اليوم تحل ذكرى وفاة أمي الحبيبة
فلها الرحمة ولنا